مسؤول يدرس … مواطن يسمع !!


workatnight4-saidaonline

إن أكثر ما يغيظني من أخبار الوطن و الهّم و الهُمّوم تلك التي تبدأ بعبارة … [[  يدرس المسؤولون  ]] … كذا و كذا .. أو عاكفون على دراسة كذا … أو يقول أحدهم مجيباً عن سؤال حول مشروع ما …. لازال في طور الدراسة  رغم مرور أعوام طويلة على ذكره للمرة الأولى كحاجة وطنية على قدر كبير من الأهمية …

إذ في اللحظة و التو التي أسمع بها عبارات من هذه الأوزان و الألحان .. سرعان ما أتخيل ذلك المسؤول كـ ( طالب كسول ) يجلس في المقاعد الأخيرة ,

ينظر بخوف و رعب لمعلمه , كونه لم يكتب واجبه المدرسي  و لم يحضّر دروسه بشكل جيد … كما بقية زملائه … و يحاول أن يسترق النظر من دفاتر زملائه أو أصاخ السمع لوشوشة هنا أو همس هناك عسى أن يلتقط شيء ما , ينقذ به نفسه من براثن عصا مدرسّه .

منذ أن وعيت و عرفت معنى يدرس و يدرسون . و مسؤولينا يدرسون ؟؟؟ ما شاء الله تبارك الله … يدرسون و يفكرون ثم يدرسون …. و ينفقون الأموال و الأوراق و المخططات و الأقلام الزرقاء و الحمراء و أقلام الرصاص و وقود سياراتهم و نسائهم و أطفالهم و من يدور في فلكهم من أصحاب و أقارب و أنساب …. زد على ذلك إستشارات خارجية و داخلية  و غربية و شرقية  بالعملات الصعبة و الصعبة جداً … و في النهاية …. يظهر من يقول لك … لازال المشروع قيد الدراسة  و غالباً لن يرى النور قبل مرور ثلاثون عاماً لأسباب تتعلق بطبيعة الدراسة و ظروفها ؟؟ .. لا أدري هل الدراسة عندنا هدف أم وسيلة لأمر آخر …

عن مترو الأنفاق في العاصمة …. يدرسون منذ عشرون  عاماً  خريطة سيره الإفتراضية … ( شو هالنشاط و العجلة ) و لازالوا يدرسون , و في خلال هذه الفترة قامت ( دولة الإمارت ) ببناء و تشغيل مترو أنفاق و كمّ من الأبراج تطاولت حتى عانقت السحب , و السعودية إرتبطت بالبحرين أو قطر بجسر فوق البحر و إيران بنت عدة مفاعلات نووية و الصين أصبحت تستخدم سيارات أمريكية أكثر من الأمريكان … و ألمانيا فازت على الأرجنتين ( 4 / 0 ) حسب ما سمعت كوني لا رياضي … و مسؤولينا يدرسون …. كيف يحفرون , ومن أين إلى أين , ثمّ ( ينطّ ) خبير ملمحاً لمشروع قطار كهربائي معلق … يا رجل على الأرض لم نستطع أن إنشاءه و لا تحتها … و أنت تريد أن تعلقنا في الهواء …. و ( خذ ) يا دراسة …

يقول صديقي ليّ : هناك إحتمالان : إما الأسئلة صعبة جداً …… أو المسؤول … صعب !!

مطار دمشق .. يدرسون … و عدة شركات خارجية قامت بتسريب الأسئلة و المواد و المعدات و مع هذا رسبوا بالثلاثة … و حالياً يعيدون الدراسة من جديد … و مطار عاصمتنا الغالية … يئن و يصرخ من كثرة الدارسين و المهربين و المتهربين

أذكر بأنني سافرت عن طريق مطار حلب القديم في نهاية عام 1993 … و كانو قد أنهوا الدراسة التي بدأت أواخر السبعينات  و بدأو يبنون …. بعد عشر سنوات أو تزيد قليلاً ( كان قد مر على دراستهم و حتى التشغيل حوالي الـ 25 سنة ) … نزلت بالطائرة في مطارها الجديد و المدروس على نار أدفئ من أشعة شمس شتاء بقليل …. و إذ  بمطارها الجديد  لا يكفي سكان ( باب النيرب ) , و لا يليق بعاصمة الوطن الإقتصادية و التجارية , و أصحاب الدراسة المتأخرة عشرون عاماً و نيفّ يتشدقون بمطار … أصغر من أصغر مطار في دول شقيقة و في مدن لا تبلغ ربع حلب من حيث المساحة و السكان و عُشرها من حيث الأهمية …. و سيدرسون …

وزارة السياحة تدرس كيفية الإستيلاء على ماتبقى من الشواطئ الجميلة  و كيف  سيجعلون ( الفرجة ) على البحر حتى لأبناء البحر مدفوعة الثمن لطغيان المنشأت الخاصة و الشطآن الخاصة و المسابح المخصصة … لن تمضي فترة حتى نسمع بأن أخينا كنان سافر إلى قبرص ليسبح في ماء البحر المتوسط  لرخص الأسعار عندهم ؟؟؟

وزارة الإتصالات تدرس منذ عدة سنوات تطوير البنية التحتية و الفوقية و الكابلـ – بحرية و مهندسون يذهبون و آخرون يجيئون و في المحصلة لازال ( الديل أب ) هو المسيطر من حيث الإنتشار عندنا , و الـ ADSL بيد شركات … أميّة ليس لها بالدراسة نهائياً .. إكتفوا  بحرق أعصاب من يجلس خلف شاشة حاسوب ينتظر هطول  الإتصال الذي لا يختلف كثيراً من حيث الغزارة عن أمطار الصحراء

جماعة العلم و العلوم يدرسون تغير مناهج الدراسة …. ؟؟؟؟ أصبح تغيير المناهج شبه سنوي و لم تتوصل دراستهم لمنهاج محدد … غريب منذ عشرون عاماً كنا نفتخر بمنهاجنا و بمستوى الطلاب السوريين ( اللهم عدا اللغات الأجنبية ) الآن لا اللغات الأجنبية و لا العربية و لا غيرها , المستوى العلمي لطلابنا و ( التربوي ) إلى الخلف سر ….  و المناهج الجديدة قيد الدراسة … و من أجمل نتائج هذه الدراسات … و أكثرها إبداعاً في مجال التربية و التعليم … تجلت في الحيّ حيث أسكن .. إذ قاموا بتغير اسم [ مدرسة عدنان المالكي ] فأصبح [ عمر بن الخطاب ] و [ ثانوية عمر بن الخطاب ] .. أصبحت عدنان المالكي … للعلم يفصل بينهما شارع لا يتجاوز عرضه الأمتار الأربع … و رفعوا أسوار كلتا المدرستين و معظم مدارس المدينة  حتى أصبحت تنافس السجون …. و كأن [ الدارس ] مدير سجن سابق ….

المحروقات .. درسوا رفع سعرها .. و ليتهم لم يدرسوا … و إذ بهم يرفعون أسعارها في أكثر سنين سوريا جفافاً و عجافاً … فهرب معظم المزارعين و لازالوا … موّلين الأدبار في الأصقاع … و المسؤولين يدرسون هل نوزع لهم هذا العام حصص برغل أم عدس ؟؟؟ أم بيتزا ( HUT )

مسؤول توتر عالي … يدرس إعادة ( قوننة ) و ( فوترة ) الطاقة الكهربائية ؟؟؟؟ و رغم دراسته المكثفة و المركزة  و بـ ( الأمبير ) .. إلاّ أنه لم يكتشف بعد … الفاقد و يقّدر حسب كلامه بـ 26 – 30 % …. تصورا ثلث الطاقة الكهربائية ….. مفقودة ؟؟؟؟ و المسؤول يدرس حرمان المواطن المخالف من ( نعمة الشرائح ) .. الخبر

مسؤول دارس حتى النخاع صرح منذ مدة بأن الطريقة الفضلى لمحاربة الإستخدام المفرط للأكياس البلاستيكية هو (( رفع أسعارها عن طريق فرض رسم مالي )) الخبر على مايبدو خريج نفس مدرسة المسؤول الكيروسيني الذي طالب برفع أسعار المحروقات لمنع تهريبها …. و لا زالت الدراسات مستمرة ….

أرجو التعليق ( بهدوء ) فالمسؤولين يدرسون !!!!!!!

الصورة

14 تعليقات على “مسؤول يدرس … مواطن يسمع !!

  1. إي صديقي شو رأيك ندرس الوضع سوا؟ وبعدين بنسبح محل اللي بدك بس مو ع الشط.
    قبل ما أنسى بعرف سمكة بتدرسوا معنا اذا بدك، وكل الشباك والأقفاص ما حسنوا يقاطعوا دراستها.

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخى الكريم

    اولا احمد الله على العودة الطيبة وماشاء الله كلها همة ونشاط وحيوية بارك الله فى قلمك وقلبك

    انت تتكلم وكأنك تصف حالنا بمصر ومدى التشابه الكبير فى الاحوال وكمية (الدراسة الهائلة ) لاخواننا (الطيبين)
    (أرجو التعليق ( بهدوء ) فالمسؤولين يدرسون !!!!!!!) علشان كده احنا ممكن ننتظر الخطة المئوية للدراسة هيحصل ايه يعنى يا اخى الصبر جميل ولا ايه !!!!!!!!!!!! وبعدين هم زى اخواتتا برده الله يساعدهم قضايا الامة عسيرة عليهم

    وحسبنا الله ونعم الوكيل

    تحياتى للعودة القوية وباقة ياسمين بين يديك اخى الكريم

  3. تحياتي أبو خالد الغالي

    تلفت الكلفة العالية للدراسات حول مشروع معيّن انتباهي عند قراءة الأخبار.. مشروع من المشاريع مثلاً كلفة الدراسة 30 مليون ليرة سوريّة, ثم تمرّ الأعوام و يدخل المشروع في دوامة النسيان التي لا عودة عنها… لكن الدراسة تم دفع ثمنها طبعاً

    شرّ البليّة ما يضحك

  4. كنان :
    يسعد مساك كنان بيك … أكيد بدنا ندرس الأمر … أصلاً نحن شعب مولع بالدراسة … و نعيش من أجل الدراسة و الـ سمك ؟!
    أوقات بحرية طيبة

  5. LOLOCAT :
    و عليكم السلام و رحمة من الله و بركاته … أشكر لكم هذا التقديم الأخوي الطيب … و أسأل الله لكم خير الجزاء ..
    مصر , سوريا , ليبيا , العراق , … بقية الدول الكريمة … تخرجت من ذات الجامعة ….. العربية … إذاً المنهج واحد … و أساسه حب الدراسة ؟؟؟!!! .

  6. YASSIN:
    تحية ياس .. ربما التواصل الروحي بيننا على أشده … فقد توقفنا عن الكتابة معاً و عدنا معاً دون معرفة مسبقة …. لي عودة إليك

  7. صديقي وليد

    في دمشق, وفي حي الميدان تحديداً وفي المنطقة الممتدة من كازية نهر عيشة إلي زقاق الجن بدأو منذ أن كنت في الصف التاسع بحفر نفق بطول لا يتعدى ال 2 كم ليمُر القطار منه, ها أنا أنهيت الماجستير والحفر ما يزال مستمر إلى أجل غير مسمى.

    على ما يبدو مسؤولينا الأشاوس يدرسون باللغة الصينية

  8. العزيز محمد :
    بكير أخي محمد …. جداً بكير … 2 كم مو قليلة … و خاصة أنها أن نهر عيشة .. مرتبط ببحر المانش , و كون النفق يتقاطع مع نفق بحر المانش … يحتاج لأمر للكثير من الدراسة …
    حقيقة كان الله في عوننا ….
    أطيب تحية صباح

  9. دائما وغالبا تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن هذا على ذمة المسؤلين
    اذا لا اعرف لماذا دائما الطبيعة والوضع القائم يعاكس افكار وخطط المبدعين (المسؤلين الدارسن )
    عشرات السنين يصبح الولدان شيبا وبعد طرح اخماس واسداس واسقاط هندسي يعجز عنه ليانغ سي تشنغ الصيني”
    وبالفرضية والبرهان وبعد تدمير البنى التحتيه من شبكات صرف ومياه وكهرباء وهاتف وووو .. الخ وعمل عشرات
    التحويلات لمسار السيارت وشل حركة السير حتى انهاء المشروع وانقطاع الماء والكهرباء كانه مر على هذه المدينة الإعصار الحلزوني؟
    وقلبها راس على عقب وبعد ذلك كله وصبر المواطنين المعهود بسبب التعود والتعود مرادف البلادة من كثرة المشاريع والدارسين فيها !!
    يأتي بعد ذلك ويتوقف المشروع وذلك لهروب المتعهد مع المخططات والانتظار عشرات ام مئات السنين
    حتى يتم الامسك بالمتعهد المحترم لمعرفة مخطط العمل المسبق والمتابعه واصلاح
    ام تخريب مرادف له نفس المعنى لدى الدارسين
    وهذه يا سادة ليست من محض الخيال لان لست من هذا النوع ولست ذا خيال خصب ولكن تجربه ومعايشه للواقع الذي نحن فيه ومازل المتعهد هاربا من تاريخه 1984/02/31
    ومازال المشروع بانتظار المتعهد والبحث جاري حتى اللحظة ؟ اذا حدا عنده خبر عن المتعهد الرجاء ابلاغنا على الرقم 000
    لاهمية حتى لا نتعب الدارسين مرة اخر لاعادة التخطيط وهيكلية المشروع مرة اخرى

    شكرا وليد ودمت بود مع كل الاحترام

  10. السلام عليكم ..

    في الحقيقة أخي في الله وليد لم يسمع هؤلاء المسئولين عن شيء اسمه إدارة المعرفة .. وهي الإستفادة من آخر التجارب التي وصل إليها الآخرين .. وتطبيق ما يناسبنها .. فهم يعتقدون أن الدراسة لأي مشروع شرط أساسي لجعل المشروع ناجح .. لكن ما يحدث حقيقتا أن هذه الدراسات كلها توضع في الأدراج وتذهب أدراج الرياح .. وبعدها يطبقون المثل القائل (يا مسترخص يا متنغص) .. تحياتي لك

  11. mhmad :
    أتفق معك تماماً يا صديقي العزيز … حول السفن و الرياح … فهي كما المثل التركي الشهير ( مالطا يوق = مالطا غير موجودة ) و قالها قائد بحري بعد ظل يبحث عنها عدة أشهر ( في البحر الأحمر ) … و سفن مسؤولينا = دائماً يوق … و المتعهد حتى و إن وجده .. فالمشروع يخص أحد الحيتان و بالتالي سلامات يا مشروع ….
    تحية مساء طيبة

  12. أم الخلود :
    ليت كان الأمر كذلك .. أختنا العزيزة .. فهم يعرفون تماماً ما يجب فعله و أفضل من أفضل ( الخبراء ) و لكنهم يعرفون أكثر من أين تؤكل الكتف – الحرام فينهشون نهش الذئاب … و الله المستعان …. لو كانوا لا يعرفون لكانت مصيبتنا واحدة و كونهم يعرفون فمصابنا أعظم … و حسبي الله و نعم الوكيل
    في رعاية الله أم الخلود

  13. مابحب الدراسة من يوم يومي 🙂

    وعميحاولو يقنعوني كمّل دراسة كمان .. شي بيعمل وجع رااااااس 🙂

    so speechless !!

    تحياتي 🙂

اترك رداً على وليد إلغاء الرد