غصب 1 … غصب 2 .. التلفزيون السوري


غصب 1 و غصب 2 .. هما تسميتان أطلقهما صديق لـّي على قناتي التلفزيون السوري في فترة الثمانينات ….. 

و ( غصب ) في دارج  و متداول أهل الرقة كما هو في بقية  المحافظات الشقيقة الأخرى تعنى ( رغما ً عنك ) .. و الذي جعلني أستذكر هذه التسميات ما ورد على شريط إحدى الفضائيات السورية [ الصوتية ] ” الإعلام السوري .. واقعه .. تتطوره ” .

أعادتني تلك العبارة إلى ليالي طوال  كنا نقضيها على الأسطح  العارية …  حيث نقوم بتوجيه الهوائي يمنة و يسرة   لعل وعسى تأتينا نسمة أثيرية من حلب المجاورة أو حمص أو حماة عبر سكون البادية التي تفصلنا عن تلك المدن , و قبل ذلك تسابقنا بإرتفاع تلك الهوائيات في محاولة منا لإلتقاط إشارة للقناة الثانية …. عبثا ً .. عثرنا على ستة قنوات أرضية [ تركية ] ؟؟؟ !! … و لم نعثر على [ غصب 2 ] ….

مـّر ردحا ً من الزمن قبل أن تبدأ زخات هذه القناة بالوصول إلينا … كما مطر سنين العجاف الأخيرة على تلك المنطقة .. السائرة بخطى حثيثة نحو التــّصحر لا محالة , بعد أن تشتتى نهرها إلى  كل حدب و صوب , عدا مجراه الذي إختاره له الله .

على ما يبدو , أننا شعب (( لا يعجبه العجب .. و لا الصيام في أي شهر .. )) فما أن إستقبلت إجهزتنا اليتيمة إشارات هذه القناة المعجزة , حتى ُعدنا طوعا ً إلى القنوات التركية – و التي لا نفقه منها شيء ً …. لكنها كانت البديل الوحيد لإبداعات الأخوات ( غصب ) ..

تعلـّـق في ذاكرتي القريبة عدة وقفات – إعلامية … لم تبرح ذاكرتي إلى الآن .. لما كان لها من شدة تأثير علــّي و على الكثير الكثير غيري .. و سأسردها حسب القِدم :

محطة أولى :

ظاهرة ( الكسوف ) : عندما  ٌوضع المواطن في حالة ( رعب ) شديد لدرجة أن الشوارع قد خلت تماما ً من المواطنين … بشكل مخيف  و غير مسبوق ؟؟؟؟ …

 

3711606

 

  أرعبني منظر دمشق و هي خالية من السكان منقول البث فيها – مباشر عبر كاميرا محمولة على  كتف أحد المصورين  و هو يطل من فوق أحد جسور المشاة – وقتها . يرافقها صوت المذيع الخافت و الرزين .. يمتدح [ التجاوب المسؤول ] من قبل المواطنين الصالحين و الواعيين .. في نقل أشبه منه لنقل وقائع ( طقوس الحج ) بشكل مباشر , أو نقل مناسبة دينية من الجامع الأموي – قبل إلتمام عقد المسؤولين … أو ٌقـــداس لأحد الأموات من كنيسة أو دار عبادة  ….

  

Normal_traffic_in_Damascus 

و بنفس الوقت أضحكني … تجــّمع نصف علماء الدنيا الفلكين في إحدى قرى محافظة الحسكة لمشاهدة هذه الظاهرة و الكثير من السياح العرب و الأجانب و المهتمين … و التي لا تستوجب سوى { نصح المواطن بضرورة إستخدام نظارة معتمة / أو عدم النظر بشكل مباشر نحو الشمس لمدة طويلة و كفى ؟؟؟ } … أقسم بأنني رأيت مواطنين .. يجرون في الشوارع و قد حموا رؤوسهم بجرائد أو دفاتر و حتى بأطباق الطعام المختلفة …. هربا ً من العصابات القادمة من الفضاء لتحطم [ دايسكي و كوجي – أبطال مسلسل غراندايز ] …

 sofi_brillen2_400q

 

 محطة ثانية :

لم أكن بوقتها في سوريا .. لكن حسب الرواة .. كانت حالة الإستنفار أشد من الأولى .. عندما قالوا بأن إعصار سيضرب المنطقة .. و ربما سيقتلع سوريا من جذورها و يضعها بجانب [ الأكوادور ] … حتى نشبع موز .. تلك الأيام الجميلة … حيث ظهر الموز فجأة و بكثرة , فأكله الأطفال بقشوره في بداية الأمر , لعدم معرفتهم به … سابقا ً ؟؟؟!!.

 

 المحطة الثالثة :

سقوط بغداد – أيضا ً بوقتها لم أكن في سوريا .. و رغم إزدحام الفضاء بفضائيات من هنا و هناك .. كانت يدي تبدأ البحث عن آخر الأخبار من الفضائية السورية …. كانت القناة السورية الفذة , تعرض بشكل مفـّصل جدا ً جولة على متاحف سوريا و أشهر المواقع الأثرية ببرنامج أرشيفي مــّسجل … يرافقه صوت المذيع ( الهادئ ) الرزين و هو يشرح بإسهاب عن هذا الحدث الثقافي الديناصوري الجلل  الذي تمر به متاحفنا و ثقافتنا ؟؟…

قلوبنا تغلي … فالعراق يحادد سوريا و الرقة – مدينتي , أقرب منها لبغداد من دمشق ( من حيث المسافة ) .. و التهديدات الأمريكية لسوريا لا تتوقف و من قبل كل أمريكي يظهر على كل تلفاز و ببزة عسكرية أو بذلة – جورج أرماني , لا فرق … كلها  ُتهـّدد و تتوعد بالويل و الثبور و عظائم الأمور ….

 

_39945451_01

 

 أما التلفزيون السوري فكان يشرح بإسهاب عن ( القوس القوطي ) و الفن المعماري الروماني … و دخول الفن الأندلسي على فن العمارة الدمشقي و تأثره به … و لم تتخلله , أي عمل سوبر  دعائي عن  ( علكة ) أو ملمع أحذية أو بطاطا للأطفال .. أو عصير …. 

يتابع المذيع جولته بمتاحف سوريا من دمشق لـ حلب فـ حمص و حماة و اللاذقية …

 

1178969708

 

 مما إضطرنا إلى اللجوء القسري للفضائيات الأخرى – و المعروفة الإنتماء  و قد تملكنا الأسى و الحسرة  على حال تلفزيوننا المخضرم و العتيق و الذي يعود تاريخ إنشاءه لما قبل تاريخ إنشاء عدة دول عربية و عالمية ؟؟؟؟  

 

المحطة الرابع :

إغتيال الحريري : كنت في سوريا ….. تلقت وزارة الإعلام السورية من الجهات الإعلامية اللبنانية خصوصا ً, و العربية عموما ً , من الصفع … ما يٌعادل كل ما تلقته وسائل الإعلام العالمية مجتمعة و منذ نشأتها ( وجهة نظر خاصة ) ….

إذ كل سعدان يحمل صفة قزم سياسي لبناني ( كل الإحترام و الود ّ للشعب اللبناني الشقيق ) يصول و يجول و أكثر من مرة باليوم و يتطاول على سوريا الوطن و سوريا الدولة و سوريا الشعب و سوريا القيادة …. و نحن كما يُقال في الرقة [ مثل الأطرش بالزفة ] ..

تظهر بين الفينة و الأخرى لقاءات خجولة لبعض سياسي الصف الثالث أو الرابع ( تراتبيا ً ) مٌقيد بقيود لا يعلمها سواه , من بعد الله عز وجل .. فيخرج من اللقاء و قد زاد الطينة بلة ً على بلة و بلل و إبتلاء و بلاء ؟؟؟ .

 

7436709682

 

نــتـقَ في تلك الفترة معلق رياضي سابق و صاحب موقع إخباري .. فا أوجد بساعات  لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة قناة فضائية … هكذا كما تشتري نصف كيلو تفاح … 

يا الله كم سهل ٌ إنشاء قناة فضائية عندنا … و ربي حتى في أمريكا لم تكن لتتم بهذه السرعة ؟؟؟؟ … لم تدم طويلا ً .. فعاد صاحبنا إلى موقعه وقد وضع صورته بجوار الوزيرة السابقة ( بثينة شعبان ) و لازال …

 

أكثر من هيك ….. نروح فيها ….. تحياتي شباب / صبايا

6 تعليقات على “غصب 1 … غصب 2 .. التلفزيون السوري

  1. ههههههههه الله يرحم ايام التلفزيون التركي..

    فاتك يا أبو خالد تذكر الأمبلفاير أو طقّة حمرا مشان تقوية الإشارة…

  2. رائعة أبو خالد، انا اسمي التلفزيون السوري تعذيب 1 وتعذيب 2.

    ملعوبة

  3. أبو محمد :
    رحم الله تلك الأيام .. للذكرى أنتينكم .. لم يكن على سطح بيتكم … صح … بدك تجيب إسبانيا أيامها يا ابن خالي … من سطوح الـ ….

  4. بحبك كتير لانك كتبت تدوينة بتشبته اللي كنت رح اكتبا فخففت عليي
    اسمحلي ضيف محطة جديدة
    انفجار القزاز برمضان الماضي بالشام
    الناس ميتة وتلفزيونا كمل بث المسلسلات وعلكة منطاد ومحارم ديمة
    ودمت

  5. رجل من ورق :
    تحية مساء طيبة … أحبك الله و الناس سيدي ….. الحقيقة أنا توقفت عند نقطة الإغتيالات التي حدثت في دمشق ….. و أنتظر أن أقرأ منك شيء ممتعا ً عن هذا الأمر …. كل التوفيق

اترك رداً على walidsham إلغاء الرد